مجلة فرنسية: وضع المغرب الجديد يؤرق البرلمان الأوروبي الذي فقد إلى حد كبير دوره في التغيير الجيوسياسي

كتبت مجلة “فوربس فرنسا” أن النواب الاشتراكيين هم من كانوا وراء القرار الأخير للبرلمان الأوروبي الذي صوت عليه الخميس الماضي 356 عضوا مقابل رفض 32 وامتناع 42 عضوا عن التصويت من إجمالي 430 نائبا.

ويطالب هذا القرار، تقول المجلة، بإطلاق سراح الصحفيين الذين توبعوا من طرف العدالة المغربية على خلفية تهم جنسية واغتصاب، أمثال عمر الراضي الذي يتابع بتهمة الاعتداء الجنسي على الصحفية حفصة بوطاهر التي أكدت أنها تعرضت لاعتداء جنسي من قبله في يوليوز 2020.

ويضيف المصدر: “ومع قوة حركة #MeToo، التي أسست على احترام أصوات النساء كمبدأ عالمي، فإن مثل هذا الاتهام يمنح الضحية امتيازا بأن تُسمع، ويستمع إليها، ويؤخذ بشكاويها في سجل التهم ضد الرجل الذي وصفته بأنه مهاجمها. هذا التحول النموذجي في القضايا المرتبطة بالنساء في العالم واضح في العديد من البلدان الأوروبية.

وفي فرنسا، على وجه الخصوص، كونك مشهورًا أو قويًا لم يعد يوفر لك الحصانة من مثل هذه الاتهامات، فعلى الرغم من طلبات الضحية المتكررة، تؤكد المجلة، لم يسمع لها من طرف أعضاء البرلمان الأوروبي أبدًا كما تم تجاهل نداءاتها إلى جمعيات حقوق الإنسان والشخص الذي تتهمه “بالاغتصاب” يرفض روايتها بحجة أن العلاقة الجنسية كانت “رضائية” …إذن هل تتوقف حركة “ميتو” #MeToo الكونية عند بوابات الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط؟ أم أنه بالنسبة لأعضاء البرلمان الأوروبي الذين وقعوا على هذا القرار، فإن كلمة الضحية المغربية أقل قيمة من كلمة الضحية الأوروبية؟ يتساءل كاتب المقال ميشال دارمان المحلل الصحفي.

وبالنظر لهذه التناقضات في المواقف، تردف المجلة، فإن اليسار الأوروبي قد اختار معسكره في بداية هذه السنة من خلال عدم احترام صوت الضحايا الذين ليس لهم وزن كبير في مواجهة معركة الصم التي شنها البرلمان الأوروبي ضد المغرب. ونقطة التحول هذه غير مسبوقة، حسب تصريح نائبة سلوفينية نقلته جريدة لوموند الفرنسية.

ومع ذلك، يضيف كاتب المقال “أنه يمكن أن تنقلب الاتهامات الموجهة ضد المغرب على هؤلاء الذين يتسمون بالجبن الشديد في مواجهة الأعمال التي تقوض حقوق الإنسان في بلدان أخرى. ويبدو أن تساهل أعضاء البرلمان الأوروبي يختلف في الهندسة والجغرافيا، صحيح أن المغرب ليس لديه نفط أو الغاز للبيع لكن التزامه باحترام حقوق الإنسان ومنها حرية التعبير أمر واقع في هذا البلد، يغنيه عن ذلك”.

ويرى ميشيل دارمانت في مقاله بالنسخة الفرنسية لمجلة “فوربز” أن الخلفيات التي كانت وراء إصدار هذا القرار كانت واضحة للجميع ولم يكن قط وضع حرية التعبير أو وضع الصحافيين هاجسا بالنسبة لهذا البرلمان لكن القرار الأوروبي كان يحكمه توقيت التحقيق الذي تجريه العدالة البلجيكية في البرلمان الأوروبي بشأن أفعال فساد وتلقي رشاوى من طرف أعضاء في هذا البرلمان والمثير للدهشة هو الكيل بمكيالين في هذا القرار، السرعة التي تمت بها إدانة المغرب بالمقارنة مع الدول الأخرى – ولا سيما الدول المالكة للغاز والنفط – التي لا يتم الحديث عما يقع بها من انتهاكات.

والغريب كذلك في الأمر أن سجن عشرات الصحفيين لجرائم الرأي، وليس جرائم القانون العام، كما هو الحال بالجزائر على سبيل المثال، ليس موضوع قرارات توضيحية من جانب أعضاء البرلمان الأوروبي.

ويضيف كاتب المقال “بأن وضع المغرب الجديد كقوة إقليمية أصبح يقلق العديد من الدول الأوروبية وشريك لإسرائيل بموجب اتفاقيات أبراهام التي تعيد تشكيل الشرق الأوسط والأدنى. وضع لا يعجب الكثير من الدول داخل الاتحاد الأوروبي الذي فقد إلى حد كبير دوره في هذا التغيير الجيوسياسي الكبير” ويرى أن الأمر جدي للغاية.

ففي خطوة استثنائية، اختارت غرفتا البرلمان المغربي الرد على قرار البرلمان الأوروبي في إعلان مشترك في نهاية جلسة عامة للغرفتين يستنكر من خلاله البرلمان المغربي بشدة “الحملة المغرضة” ضد المغرب ويأسف لأن “البرلمان الأوروبي سمح لنفسه بأن ينجرف من قبل قوى معادية داخله، وبالتالي يقرر البرلمان المغربي إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي ومراجعة تقييم شمولية. فبعد فرنسا، التي لاتزال تمارس سياسة الغموض في علاقاتها مع المغرب رغم التصريحات الرسمية، حان دور أوروبا لمواجهة الحزم المغربي.

هذا القرار مهم، يؤكد المحلل السياسي، فهو يؤكد الموقف الذي لوحظ بالفعل في التوترات مع باريس فالمغرب هو الذي يأخذ المبادرة ويضفي عليها الطابع الرسمي وهو تأكيد آخر على الاستقلال والنضج السياسي للمملكة، مما يعني أنها لا تحتاج إلى الاتحاد الأوروبي لضمان تطورها.

اترك رد